الخيانة الكبرى

في سنة 1988 كان الوضع يتميز بالحماس الوطني الذي لا مثيل له. المواطن الصحراوي كان يؤمن بالقيادة الصحراوية إيماناً أعمى رغم نقائصها واخطائها الكثيرة. وكانت القيادة تخترع الشعارات التي تهدف إلى تقديسها مثل "قيادة الجبهة الشعبية مخلصة و ثورية".

في العام 1987 عقد المؤتمر الرابع وكانت اللجنة التنفيذية تريد تقليص عدد أعضائها الذين كانوا 9 لأن الأغلبية الساحقة كانت من قبيلة الرقيبات؛ فاقترحوا تقليص عددهم ليكونوا 7 فقط ولكن المؤتمرين مواطنون ابرياء فنهضوا جميعاً بصوت واحد وهم يرددون شعار "قيادة الجبهة الشعبية مخلصة وثورية" وفشلت اللجنة التنفيذية في تمرير مشروعها الذي كان يتجلى في تقليص عدد اعضاءها وإقالة محمد علي الوالي المدعو عمر العظمي الذي كان يتسبب لهم في مشاكل مع البشير مصطفى السيد، العقل المدبر للجبهة بعد وفاة أخيه الشهيد الوالي.

بعد المؤتمر الرابع ذهب العظمي إلى الناحية الثانية واخذ يشارك عن بعد في المعارك، ويهتم بالجانب الاستعلاماتي منها؛ وذلك تحضيراً لتعينه مديراً للامن العسكري؛ مكث عدة سنوات في الناحية الثانية إلى أن جاء المؤتمر الخميس سنة 1982, فاستطاعت اللجنة التنفيذية تمرير قرارها فتخلصت من سيداحمد البطل والعظمي. ويقال أن هذا الأخير طلب مسؤولية المخابرات العسكرية فاعطوه اياها.

منذ موقعه كمدير للامن العسكري، كان هدفه الأساسي والوحيد هو الحفر تحت أقدام عدوه الذوذ البشير مصطفى السيد؛ لقد كانت أمنيته الواحدة هي الانتقام من البشير. وسيعمل ما في وسعه من أجل ذلك.

من بين الأعمال الخبيثة التي قام بها والتي تطرح عليه علامات الشبهة حملته ضد القبائل المصنفة بالحرفين "H" و "I" في الاحصاء الاسباني والمسماة قبائل الشمال وقبائل الجنوب. ففي سنة 1982 شن حملة اعتقالات قتل خلالها العديد من أولاد موسى، أولاد دليم، أولاد بوسباع، القرع، إديغب، ألخ. انها حملة ما سمي بالشبكة. وكانت الجبهة قد القاد محاضرات كثيرة لتعلن عن كذبة كبيرة سميت بشبكة المخابرات الفرنسية الموريتانية. ويتطعات قيادتنا الرشيدة تمريرها بفضل براءة المواطن الصحراوي وصبره في سبيل الهدف الأسمى وهو تحرير الوطن المغتصب من طرف العدو المغربي 

وأصل العظمي مخططة التخريبي بإعتقال كل من إلتحق بالجبهة قديماً من المناطق المحتلة أو الجنوب المغربي إذا كان ينتمي إلى قبائل الشمال "H" 

كان العظمي يعمل على تعبئة أكبر قدر ممكن من القبائل ضد قيادة الجبهة التي كان يعتبر البشير هو عقلها المدبر. وفي 1987 عندما استعدت الجبهة لإستقبال البعثة الاممية في إطار التحضير لمسلسل السلام، قام العظمي بجمع كل أولئك الذين التحقوا بالجبهة في السنوات الأخيرة وشحنهم في شاحنات ورمى ببعضهم في الترسال الخضرة ووادي الماء شرقي ولاية العيون. لقد فعل ذلك كإجراء وقائي لتفادي أي عمل تخريبي يمكن أن يقوموا به. انها الحجة الرسمية ولكن الحقيقة هي أن العظمي كان يزرع الحقد على قيادة الجبهة وفي نفس الوقت كان يعمل على توطيد العلاقات مع عبدالقادر الطالب عمر وبراهيم حكيم، منصور عمر، محمد سالم يولد السالك، حمدي براي، واشخاص من قبائل تكنة. وفي نفس الوقت كان ينظم زيارات ودية لأبناء عمومته من قبيلة لبيهأت يتطلع على أحوالهم، يتكرم عليهم بشيء إن النقود في عهد الاحتياجات الكثيرة، والأهم من ذلك هو أنه يتقاسم معهم لحظات من الحديث الشيق حول مائدة الشاي وهذا شيء لا يثمن ولا يقابله شيء من المودة. لقد جمع قدراً كبيراً من "وخيرت" التي سيحتاجها في وقت لاحق.

في سنة 1988, جاء الوقت الذي كان ينتظره العظمي للهجوم. في ندوة عقدت بولاية اوسرد، تحدث البشير عن أبناء العملاء ووصفهم بالغرور وهي الكلمة التي سيستغلها العظمي للهجوم على البشير فيتصل بأصدقائه الذين كان يحضرهم منذ سنوات؛ لقد حان الوقت لتنفيذ البند الثاني من المخطط ، فتشاوروا بينهم وقرروا تقديم استقالتهم جماعياً من أجل المطالبة بإستقالة البشير مصطفى السيد. 

اجتمعت اللجنة التنفيذية وقررت عدم الرضوخ لهذا النوع من الإبتزاز. فقررت مجموعة العظمي، أي عبدالقادر، منصور، حكيم اللجوء إلى الإحتماء بالقبيلة للحفاض على امتيازاتهم الشخصية فاتصلوا كل بقبيلته ونسقوا جهودهم وفي نفس اليوم نظموا مظاهرات منسقة في الولايات الأربع.