تحية واحترام للرفيق موتيق

انتقل يوم الأحد 23 دجنبر 2013 إلى جوار ربه المناضل الصحراوي : متيق لحسن ولد الفاضل ولد أهل بوكرين بعد مرض عضال الم به ، لم تنفع معه المجهودات الجبارة التي قام بها رفقاءه الذين يكنون له كل التقدير و الاحترام سواء بنقله إلى فرنسا أو للاستشفاء في مستشفى زايد بن سلطان .

يعتبر المرحوم لحسن متيق من الرعيل الأول من الصحراويين الذين كانوا شبابا سباقين إلى الانخراط في القضية الوطنية و التعريف بها والدفاع عنها في عمق المغرب و خصوصا في الجامعات . فقد اعتقل في شهر ماي سنة 1977 مع مجموعة من الصحراويين تعرف ب "مجموعه 26 " التي كانت أول من تم تقديمه من الصحراويين أمام محاكم النظام المغربي لانتمائهم إلى الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء و وادي الذهب . و بعد تعرضه مع رفقائه لشتى أنواع التعذيب ، التي كانت له منها حصة الأسد داخل المعتقل السري السيئ الذكر " درب مولاي الشريف" ، نقل معهم إلى السجن المدني بمكناس ، و بمعيتهم رفقاء مغاربة شكلوا واجهة نضالية ضد النظام المغربي و زبانيته و سطروا ملاحم بطولية في النضال معا ضد عدوهم المشترك و هم وراء القضبان . فتقاسموا مع إخوانهم المغاربة الحلو و المر في "معارك الأمعاء" في جبهة واحدة و صف متراص و هم يخوضون الإضرابات عن الطعام المتتالية دفاعا عن كرامة المعتقل السياسي و قضاياهم العادلة .

و بعد قضائه رفقة زملائه الصحراويين ثلاث سنوات وراء القضبان بدون محاكمة ـ و قد أصبح سجن مكناس قبلة للأحرارـ عمد النظام المغربي إلى إطلاق سراح جميع المغاربة و لم يبق إلا الصحراويين 26 و أربعة من المغاربة ، ليتم توزيعهم على أربعة مدن : الرباط ، اكادير ، مراكش و سطات حيث تمت محاكمة كل مجموعة على حدا .

و رغم أن محاكمات المجموعات الأربعة بتاريخ ماي 1980 كانت صورية و لا تتوفر فيها شروط المحاكمة العادلة ، فقد تمكن رفقاء المرحوم من الدفاع عن قضيتهم العادلة ، معتبرين أن جبهة " البوليساريو" هي ممثل الشعب الصحراوي الوحيد ، و أنهم متمسكون بأهداف شعبهم التواق إلى الحرية و الاستقلال ، مدينين بشدة " اتفاقية مدريد " المشئومة و الغزو المغربي للصحراء الغربية ، و ملفتين انتباه الرأي العام العالمي إلا أن مئات من المعتقلين الصحراويين مجهولي المصير في الأقبية السرية للنظام المغربي .

و بعد أن قضى خمس سنوات من الاعتقال لم يثنيه ذلك عن متابعة دراسته و الحصول على شهادات عاليا . و يعتبر لحسن متيق دكتورا في الرياضيات و أستاذ بالمعهد العالي للإحصائيات بالرباط ، و يحظى باحترام كبير من الطلبة و من زملائه الأساتذة .

و المرحوم نموذج للمناضل المثقف الملتزم الذي آمن بعدالة فضية شعبه و نهل من مبادئها حتى الثمالة . فمنذ إطلاق سراحه في ماي سنة 1982 انخرط عن وعي و رؤيا واضحة و عزم أكيد في النضال من داخل المنظمات المغربية سواء منها النقابية أو الحقوقية . و هكذا سبر أغوار نقابة التعليم العالي و ترك بصماته في تدبير شؤونها و إدارتها و الدفاع عن استقلاليتها ، و كان نموذجا يحتدا به في العمل الجاد و الحياد الايجابي و الأمانة و الصدق ، فلا غرو أن يكون ( هاد لبوليزاريو ) كما يحلو لزملائه أن يصفوه به ، محط تقدير و احترام .

و عندما انخرط هذا المناضل في جمعية ضحايا سنوات الرصاص " منتدى الحقيقة و الإنصاف " صحبة رفيقه المرحوم " إدريس بنزكري" كانت عينه في الرباط و قلبه على الصحراء ، و لم يهنأ له بال أو يستريح له ضمير حتى تم فتح فرع الصحراء بالعيون , الذي ذاع صيته و يرجع له الفضل في حلحلة النضال في المدن الصحراوية و التعريف بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان التي تعرض لها الصحراويون .



كما كان سباقا إلى الانخراط في " المنتدى الاجتماعي المغاربي " التي يشارك فيه الصحراويون كدينامية إجتماعية صحراوية مستقلة جنبا إلى جنب مع المغاربة و الجزائريين و الموريتانيين والتونسيين والليبيين ، و هو منسق مبادرة "نداء من أجل السلم في الصحراء الغربية " التي أصبحت وثيقة رسمية داخل المنتدى الاجتماعي المغاربي , و يرجع له الفضل بعد سفرياته و لقاء مسئولين صحراويين بمخيمات العز و الكرامة ، أن تمت المشاركة الوازنة و الفعالة في المنتدى الاجتماعي العالمي للصحراويين بتونس .